في أعقاب المحاولات الإيرانية لاحتجاز ناقلات النفط ونشر الفوضى في الاقتصاد العالمي هذا العام، تدخلت وحدة خاصة من مشاة البحرية الأميركية ببراعة خلال الصيف في مؤشر على مرونتها وعلى قدراتها على الانتشار السريع.
وأحدثت الوحدة الاستكشافية البحرية 26 (القادرة على تنفيذ عمليات خاصة) ضجة في عالم العمليات العسكرية عندما انتشرت في آب/أغسطس في الخليج العربي بمنطقة مسؤولية القيادة المركزية الأميركية.
وفي إطار عملية النشر، تقوم البحرية الأميركية بحسب المعلومات بتدريب نحو مائة عنصر من مشاة البحرية للانتشار المحتمل على السفن التجارية مع فرق مكونة من 15 إلى 19 عنصرا على متن كل سفينة لتوفير الأمن.
ولم يعكس هذا الانتشار الأخير لحظة مهمة في تاريخ مشاة البحرية فحسب، بل عكس أيضا مكانة الولايات المتحدة باعتبارها الشريك المفضل في الشرق الأوسط.
وتعتبر الوحدة الاستكشافية البحرية 26 فرقة عمل بحرية للمهام الجوية-الأرضية تتضمن مكونا قتاليا بريا ومكونا قتاليا جويا ومكونا قتاليا لوجستيا، وتعمل جميعها تحت مظلة قيادة مشتركة.
ويعتمد حجم فرقة العمل على مهمتها، لكن هيكلها لا يتغير أبدا. ويمكن إعادة تشكيل هذه القوة الضاربة الجوية والبرية والبحرية القائمة بذاتها والمكتفية ذاتيا لمواجهة أي حالة طوارئ، بما في ذلك الرد على عدوان إقليمي.
وتصف قوات مشاة البحرية الأميركية نفسها بأنها "قوة استطلاعية جاهزة" مزودة ومدربة ومجهزة خصيصا للاستجابة بسرعة لمجموعة واسعة من الأزمات والصراعات و"ضمان الوصول إلى الساحل".
وتكشف قوات مشاة البحرية الأميركية عبر موقعها على الإنترنت أن لديها القدرة على الانتشار في المعارك حول العالم في غضون 6 ساعات.
وقالت المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ لصحافيين في نهاية آب/أغسطس إن القوات ستبقى في الخليج العربي طالما دعت الحاجة وذلك لوقف مضايقات إيران للسفن ومحاولتها تهديد الاقتصاد العالمي.
وأضافت "إنها موجودة هناك لردع أي تهديدات أو سلوك غير مهني أو غير آمن من قبل الجماعات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني. ولن أفصح أكثر من ذلك".
اعتداء إيراني
وتشكل المضايقات الإيرانية المستمرة في مضيق هرمز تحديات أمام قطاع الشحن على وجه التحديد، والاقتصاد العالمي على نطاق أوسع.
وجاءت عملية الانتشار الأخيرة ردا على الاعتداء الإيراني الذي جرى خلال الصيف.
فحاولت البحرية الإيرانية الاستيلاء على سفينتين تجاريتين في مضيق هرمز وخليج عُمان في تموز/يوليو الماضي، علما أنها أطلقت النار في إحدى الحادثتين على إحدى السفن التجارية.
وقالت البحرية الأميركية إنه في كلتا الحالتين، تراجعت السفن البحرية الإيرانية بعد أن أرسلت البحرية الأميركية مدمرة صاروخية موجهة إلى مكان الحادث، وواصلت السفينتان التجاريتان رحلاتهما.
وهاجمت إيران أو استولت على نحو 20 سفينة تجارية منذ عام 2021، بحسب القيادة المركزية الأميركية.
وليست الوحدة الاستكشافية البحرية 26 الوحدة العسكرية الأميركية الوحيدة التي تردع إيران.
فقد أعلن البنتاغون في 17 تموز/يوليو عن نشر المدمرة الأميركية يو إس إس توماس هادنر وعددا من المقاتلات من طراز إف-35 في مضيق هرمز وخليج عُمان.
وفي الوقت نفسه، رافق الوحدة الاستكشافية البحرية 26 عناصر من مجموعة باتان البرمائية الجاهزة المكونة من 3 سفن هي السفينة الهجومية البرمائية يو إس إس باتان ومنصة النقل البرمائي يو إس إس ميسا فيردي وسفينة الإنزال يو إس إس كارتر هول.
وأحضرت يو إس إس باتان سربا برمائيا وفريقا جراحيا للأسطول ومراقبة جوية تكتيكية ومجموعة قتالية بحرية بطائرات الهليكوبتر وقوات متخصصة أخرى.
ويمكن للسفينة الهجومية البرمائية أن تحمل أكثر من 20 طائرة ذات أجنحة دوارة وأجنحة ثابتة، بما في ذلك طائرات إم في-22 أوسبري ذات المروحية المائلة وطائرات هجومية من طراز إيه في-8 بي هارير.
وتم تكثيف الوجود العسكري والمراقبة عبر هيئة الأمن البحري الدولي المكونة من 11 دولة وهيئة التوعية البحرية الأوروبية في مضيق هرمز المكونة من 8 دول.
الشريك المفضل
ويعكس الوجود العسكري المعزز كيف يعمل الجيش الأميركي ليكون الشريك المفضل في المنطقة.
وسيساعد العمل الرائد الذي تقوم به الوحدة الاستكشافية البحرية 26 لتأمين المرور الآمن للسفن في المنطقة على وضع مخطط مستقبلي للحلفاء والشركاء.
ومع نشر الوحدة الاستكشافية البحرية 26، أصبحت الولايات المتحدة الجهة الرئيسية الموفرة للأمن في مضيق هرمز الذي يمر عبره خُمس النفط العالمي.
ولم تقدم روسيا والصين سوى القليل من المساهمات الأمنية في المنطقة، حتى مع قيام إيران بشحن كميات من النفط إلى الصين أكثر من أي وقت مضى ما يثير تساؤلات بشأن قدرة موسكو وبيجين على أن تكونا شريكتين في المنطقة.
وبلغت صادرات النفط الإيرانية إلى الصين أعلى مستوى لها منذ 10 سنوات في الصيف الماضي، وفقا لبيانات نشرت في آب/أغسطس.
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية عن شركة استخبارات البيانات الدولية كبلر، أن إيران كانت تصدر 1.5 مليون برميل يوميا من النفط الخام إلى الصين في آب/أغسطس.
ويشكل هذا الرقم أعلى قدر من الشحنات منذ عام 2013 وقد زاد بنسبة كبيرة عن صادرات الـ 917 ألف برميل يوميا إلى الصين التي بلغتها إيران في المتوسط في النصف الأول من العام.
وتمت هذه الشحنات خلال الفترة نفسها التي شهدت العدوان الإيراني ولم تلق أي رد يذكر من البحرية الصينية، ما يؤشر على أن هذه الأخيرة إما غير راغبة أو غير قادرة على الرد.