طوال أسابيع من الأعمال العدائية هدد في خلالها الحوثيون المدعومون من إيران السفن التجارية في البحر الأحمر واستهدفوها بلا هوادة، كررت الولايات المتحدة التزامها تجاه شركائها وأكدت دورها في ضمان الاستقرار الإقليمي وحماية التجارة العالمية.
وكان هذا الالتزام واضحا حين استهدفت ضربات بقيادة الولايات المتحدة مجموعة من الأهداف الحوثية في وقت مبكر من يوم الجمعة، 12 كانون الثاني/يناير.
ففي الساعة 2.30 صباحا بالتوقيت المحلي لليمن، نفذت القوات الأميركية، بالتنسيق مع المملكة المتحدة وبدعم من أستراليا وكندا وهولندا والبحرين، ضربات مشتركة ضد أهداف للحوثيين "لتقويض قدرتهم على مواصلة هجماتهم غير القانونية والمتهورة على السفن الأميركية والدولية والشحن التجاري في البحر الأحمر"، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية في بيان.
وأضافت أن "هذا العمل متعدد الجنسيات استهدف أنظمة رادار ومنظومات دفاع جوي ومواقع تخزين وإطلاق المسيرات الهجومية الانتحارية وصواريخ كروز والصواريخ البالستية".
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستين إن "العمل الذي قام به التحالف اليوم يوجه رسالة واضحة إلى الحوثيين، مفادها أنهم سيتحملون المزيد من التكاليف إذا لم يوقفوا هجماتهم غير القانونية".
وأضاف "لن نتردد في الدفاع عن قواتنا والاقتصاد العالمي والتدفق الحر للتجارة الشرعية في واحد من أكثر الممرات المائية العالمية أهمية".
من جهته، أعلن حلف الناتو يوم الجمعة أن الضربات تهدف لحماية الشحن عبر البحر الأحمر وحث إيران على "كبح جماح أذرعها".
وقال الناطق باسم الحلف ديلان وايت إن "هذه الضربات دفاعية، وتهدف للحفاظ على حرية الملاحة في واحد من أكثر الممرات المائية العالمية أهمية. يجب أن تتوقف هجمات الحوثيين".
وكانت هجمات الحوثيين قد عرّضت حركة الأغذية والوقود والمساعدات الإنسانية الحيوية في مختلف أنحاء العالم للخطر.
تحذير لم يلق آذانا صاغية
وكان تحالف دول بقيادة الولايات المتحدة قد قام في 3 كانون الثاني/يناير بتوجيه تحذير مشترك للحوثيين المدعومين من إيران بوقف فورا هجماتهم على السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر.
وجاء في البيان الذي صدر عن حكومات الولايات المتحدة وأستراليا والبحرين وبلجيكا وكندا والدنمرك وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا ونيوزلندا وسنغافورة والمملكة المتحدة أن "هجمات الحوثيين المتواصلة في البحر الأحمر غير قانونية وغير مقبولة ومزعزعة بشدة للاستقرار".
وأضاف البيان "ما من مبرر قانوني للاستهداف المتعمد للملاحة المدنية والسفن البحرية"، معتبرا أن تلك الهجمات "هي تهديد مباشر لحرية الملاحة التي تعد حجر الأساس للتجارة العالمية في أحد أكثر الممرات المائية في العالم أهمية".
وتابع أن "هذه الهجمات تهدد حياة الأبرياء من كل أنحاء العالم وتمثل مشكلة دولية كبيرة تستلزم إجراء جماعيا".
وأكد "لتكن رسالتنا واضحة: ندعو إلى الوقف الفوري لهذه الهجمات غير القانونية والإفراج عن السفن والأطقم المحتجزة بصورة غير قانونية".
واستدرك "سيتحمل الحوثيون المسؤولية عن العواقب إذا استمروا في تهديد حياة الناس والاقتصاد العالمي والتدفق الحر للتجارة في الممرات المائية الحيوية بالمنطقة".
الإرادة والقدرة على ضرب الخصوم
أثبتت الولايات المتحدة أن لديها الإرادة والقدرة على ضرب الخصوم الذين يهددون الأصول والمصالح الأميركية، وأنها تحتفظ بالحق للدفاع عن نفسها وعن شركائها.
ويتمحور الوجود الأميركي في المنطقة حول مجموعة حاملة الطائرات الهجومية دوايت دي. أيزنهاور، التي تضم حاملة طائرات وطراد صواريخ موجهة ومدمرتين وعددا من أسراب الطائرات.
وقد تم الإبلاغ عن وجود مدمرتين أميركيتين أخرتين في المنطقة، إلى جانب غواصة صواريخ بالستية.
كما أن السفينة البرمائية الهجومية يو إس إس باتان و2200 من مشاة البحرية الأميركية (المارينز) منوحدة استطلاع المارينز 26، يتواجدون في المنطقة.
وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، إن المجموعة البرمائية الجاهزة المتمركزة في البحر قادرة على القيام بمجموعة واسعة من العمليات، وإنها تظل خيارا مرنا للغاية عندما يتعلق الأمر بالاستخدام المحتمل للقوة.
وأضاف أنها توفر "قدرة دفاع جوي وصاروخي مبهرة، وأيضا قدرات استخبارات ومراقبة واستطلاع قوية، ناهيك عن القوة العسكرية الهجومية والدفاعية".
سلسلة من الهجمات الحوثية غير القانونية
منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، دأب الحوثيون المدعومون من إيران على تصعيد هجماتهم على السفن التجارية.
ففي يوم 11 كانون الثاني/يناير، أطلق الحوثيون صاروخا بالستيا مضادا للسفن على مسارات الشحن الدولي في خليج عدن، لكن الصاروخ أخطأ هدفه.
وقد كان ذلك الهجوم الحوثي السابع والعشرين على الشحن الدولي منذ 19 تشرين الثاني/نوفمبر.
ويوم 9 كانون الثاني/يناير، أسقطت سفن حربية ومقاتلات أميركية وبريطانية 21 مسيرة وصاروخا فوق البحر الأحمر أطلقها الحوثيون في "أكبر هجوم" لهم حتى الآن، حسبما قال الجيشان الأميركي والبريطاني.
وأوضحت القيادة المركزية في بيان إن الهجوم شمل مسيرات إيرانية التصميم وصواريخ كروز مضادة للسفن وصاروخا بالستيا مضادا للسفن.
وقد استهدفت الهجمات الحوثية منذ تشرين الثاني/نوفمبر سفنا من جميع أنحاء العالم.
وقال قائد القوات البحرية الأميركية في الشرق الأوسط براد كوبر يوم 4 كانون الثاني/يناير إن "تقديرنا هو أن 55 دولة لها صلات مباشرة بالسفن التي تعرضت للهجوم".
وأضاف أن تأثيرات هذه الهجمات "تمتد عبر الكرة الأرضية"، مؤكدا أن "هذه مشكلة دولية تستلزم حلا دوليا".
وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قد قال في بيان سابق أنه "يتعين على الدول التي تسعى لترسيخ المبدأ الأساسي لحرية الملاحة أن تتكاتف لمواجهة التحدي الذي يشكله الحوثيون الذين يطلقون صواريخ بالستية ومركبات جوية غير مأهولة (المسيرات) ضد السفن التجارية من الكثير من البلدان التي تعبر المياه الدولية بصورة قانونية".