ما يزال التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والأردن مستمرا بقوة بعد عقود من التعاون الوثيق.
فلأكثر من 70 عاما، اعتبر القادة الأميركيون الأردن شريكا أمنيا حيويا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وفقا لوزارة الخارجية الأميركية.
ويركز التعاون العسكري وإنفاذ القانون بين البلدين على مكافحة التطرف العنيف وردع التدفقات غير المشروعة ومواجهة الجهات المعادية في المنطقة.
وفي زيارة للأردن عام 2023 تخللتها اجتماعات مع العاهل الأردني الملك عبد الله وكبار المسؤولين العسكريين الأردنيين، وصف الجنرال مايكل "إريك" كوريلا من القيادة المركزية الأميركية الأردن بأنه "حصن" للسلام الإقليمي وحليف استراتيجي رئيس في المعركة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وأضاف كوريلا أن "شراكتنا العسكرية الدائمة مع القوات المسلحة الأردنية مهمة للاستقرار الإقليمي وحماية المصالح المتبادلة".
ويستضيف الأردن ما يقرب من 3000 جندي أميركي، وفقا لتقرير نشرته خدمة أبحاث الكونغرس في حزيران/يونيو 2023.
وتشارك الولايات المتحدة في عملية "حارس الازدهار" لمواجهة الهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن على السفن التجارية في البحر الأحمر المتاخم للحدود مع الأردن.
التصدي للتنظيمات المتطرفة
يتدرب العسكريون الأميركيون والأردنيون معا للاستعداد لعمليات مكافحة الإرهاب، ومنذ عام 1987، درّب برنامج المساعدة في مكافحة الإرهاب التابع للحكومة الأميركية أكثر من 7150 عنصرا أردنيا من عناصر إنفاذ القانون، وفقا للسفارة الأميركية في عمان.
ولأكثر من عقد من الزمن، استضاف الأردن بعضا من أكبر التدريبات العسكرية في الشرق الأوسط بالتعاون مع الولايات المتحدة ودول شريكة أخرى.
وهذه التدريبات "تعد من أهم منتجات" الشراكة العسكرية بين الأردن وحلفائه، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، حسبما كتب مدير التدريب العسكري في القوات المسلحة الأردنية/الجيش العربي، اللواء توفيق المرزوق في آذار/مارس 2021.
وقال المرزوق إن مناورة الأسد المتأهب، التي جرت لأول مرة بين القوات المسلحة الأردنية والقيادة المركزية الأميركية في عام 2011 وتوسعت منذ ذلك الحين لتشمل 28 دولة حليفة، "مصممة لتدريب القوات على الحرب غير التقليدية لمواجهة المنظمات المتطرفة العنيفة".
وأضاف أن مناورة الأسد المتأهب هي "تكريم للشراكة مع الولايات المتحدة التي تعزز التعاون العسكري وتطور قدرات القوات على مواجهة التهديدات التي تواجه المنطقة والعالم".
وتشمل التدريبات الأخرى تدريب الشجاع المخضرم، وهي سلسلة تدريب لمشاة البحرية الأميركية والبحارة لتعزيز إمكانية التشغيل البيني مع القوات المسلحة الأردنية ودرع الأردن، حيث تدرب المسؤولون الأردنيون ووكالة الدفاع المعنية بخفض التهديدات الأميركية والحرس الوطني في كولورادو، على رد الأردن على الهجمات الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية.
بالإضافة إلى ذلك، يتم إجراء مناورة المدافع اللانهائي الثنائية سنويا مع القوات المسلحة الأردنية إلى جانب عناصر من البحرية الأميركية ومشاة البحرية وخفر السواحل من القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية.
في آب/أغسطس الماضي، شارك أكثر من 300 عسكري في تمرين المدافع اللانهائي على مدار أسبوعين قبالة ساحل العقبة بالأردن، مع التركيز على الأمن البحري والاعتراض البحري والتخلص من الذخائر المتفجرة وتمارين الذخيرة الحية.
وقال النقيب أوليفر هيرون، قائد فرقة العمل 56 التي قادت التدريبات، "إنه أمر ملهم أن نرى جميع القوات المشتركة تعمل معا في هذه المنطقة الحيوية".
وأضاف "معا، نواصل النمو والبناء على تكتيكاتنا واستعدادنا والتزامنا بالأمن والاستقرار البحري الإقليمي".
المساعدات العسكرية
وبالإضافة إلى التدريب المشترك، تقدم الولايات المتحدة مساعدات عسكرية للأردن منذ عام 1957، وفقا لتقرير خدمة أبحاث الكونغرس.
في عام 1996، منحت الولايات المتحدة الأردن وضع حليف رئيس خارج حلف شمال الأطلسي، مما جعل الأردن مؤهلا لتلقي سلع دفاعية أميركية أكثر وتدريب وقروض للمعدات اللازمة للبحث والتطوير التعاوني.
وفي عام 2022، وبموجب مذكرة التفاهم الرابعة الموقعة بين البلدين، سعت الولايات المتحدة إلى الحصول على ما مجموعه 1.45 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية والعسكرية السنوية للأردن بين الأعوام المالية 2023 و2029، والتي تخضع إلى موافقة الكونغرس.
وبموجب قانون الاعتمادات الموحدة لعام 2023، تم تخصيص 425 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي للأردن، إلى جانب ما يصل إلى 500 مليون دولار من أموال وزارة الدفاع لمساعدة القوات المسلحة في الأردن على تعزيز أمن الحدود.
تسببت الحرب الأهلية المستمرة في سوريا في عدم الاستقرار على طول حدود البلاد مع الأردن التي يبلغ طولها 362 كيلومترا، حيث تحاول الشبكات الإجرامية المتمركزة في سوريا بشكل متزايد تهريب مخدر الكبتاغون الاصطناعي عبر حدود الأردن.
إلى هذا، حاولت الميليشيات المدعومة من إيران، مثل حزب الله، كسب النفوذ والسيطرة على طول الحدود الأردنية السورية، ما ساهم في عدم الاستقرار.
وتم تسجيل ما مجموعه 194 محاولة تهريب وتسلل عبر الحدود بين كانون الثاني/يناير وآب/أغسطس 2023 فقط، 88 منها باستخدام طائرات مسيرة، وأدى بعضها إلى اشتباكات مع عناصر الأمن الأردنيين، وفقا لموجز معهد واشنطن الذي نُشر في كانون الثاني/يناير.
وجاء في الموجز أن "هذه التجارة غير المشروعة، التي نظمها إلى حد كبير عناصر من النظامين السوري والإيراني، أدت إلى إجهاد موارد الأمن وإنفاذ القانون في الأردن بينما زادت المخاوف المحلية بشأن التأثير الاقتصادي والاجتماعي للمخدرات".
ويدعم برنامج أمن الحدود الأردني الذي أطلقته للولايات المتحدة الأردن في مجال أمن الحدود منذ عام 2009، وقد زودت الولايات المتحدة الأردن بالمعدات بما في ذلك كاميرات الأشعة تحت الحمراء ورادارات المراقبة وأجهزة استشعار للسياج وأجهزة كشف التسلل.
في عام 2022، استلمت القوات الجوية الملكية الأردنية أول طائرة أمريكية مطورة من طراز أيوماكس إير تراكتور إيه تي-802 لدوريات الحدود، وفقا لخدمة أبحاث الكونغرس. وتساعد الولايات المتحدة في تحديث ستة من طائرات إيه تي-802 الموجودة في الأردن من أجل تأمين الحدود بشكل أفضل.
وفي كانون الثاني/يناير 2023، وقعت القوات الجوية الأردنية اتفاقية بمليارات الدولارات لشراء طائرات مقاتلة جديدة من طراز إف-16 من الولايات المتحدة لتحل محل أسطولها القديم.
وقال سلاح الجو الأردني حينها إن "هذه الاتفاقية تأتي في إطار الجهود المبذولة لتعزيز القدرات الدفاعية للمملكة ورفع مستوى الاستعداد القتالي والعمليات المشتركة مع الولايات المتحدة".
وأضاف "ويهدف كذلك إلى تعزيز إطار التعاون بين البلدين ودعم الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في المنطقة".