تستمر المملكة الأردنية بلعب دور حيوي لأمن واستقرار الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي يعكس الوضعية المركزية التي تبوأتها في المنطقة على مدار العقود القليلة الماضية، كما ظهر من عدد الزيارات الأخيرة التي أجراها إليه مسؤولون عسكريون أميركيون كبار والمناورات العسكرية المشتركة المتواصلة بين الدولتين.
ومؤخرا، زار قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل "إيريك" كوريلا الأردن في 25 و26 نيسان/أبريل، حيث التقى الملك عبدالله ومسؤولين كبار في الجيش الأردني.
وجاء في بيان صدر عن القيادة بتاريخ 26 نيسان/أبريل أن "القادة بحثوا التعاون المتواصل بين الولايات المتحدة والأردن ومسألة تحديث التقنيات المشتركة وفرص تعزيز التشغيل البيني".
وفي وقت لاحق، أمضى كوريلا وقتا مع عبدالله وناقش معه التهديدات الملحة التي تطال أمن واستقرار المنطقة وفرص تعزيز التعاون الأمني بين البلدين.
وقال كوريلا "تعد شراكتنا العسكرية المستمرة مع القوات المسلحة الأردنية مهمة للاستقرار الإقليمي ولحماية مصالحنا المشتركة".
وتابع "يلعب الأردن دورا أساسيا في أمن المنطقة واستقرارها. وقد برزت الأهمية الاستراتيجية للقوات المسلحة الأردنية خلال المعركة ضد داعش [تنظيم الدولة الإسلامية]".
ووصف كوريلا القوات المسلحة الأردنية بأنها "حصن للسلام والاستقرار في المنطقة".
وكان صدى هذه المشاعر قد ظهر في وقت سابق عندما اختار وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إطلاق جولته الأخيرة بالشرق الأوسط من العاصمة الأردنية، مسلطا بذلك الضوء على الروابط التاريخية الوطيدة مع حليف الولايات المتحدة القديم والدور الأساسي الذي تلعبه المملكة كقوة مثبتة للاستقرار في المنطقة.
وجاءت جولة أوستن، التي شملت أيضا إسرائيل ومصر، وسط تصاعد التوترات مع إيران وتجدد أعمال العنف في القدس والضفة الغربية.
وخلال اجتماع عقد في 5 آذار/مارس، بحث أوستن وعبدالله التعاون الأمني الإقليمي وسبل تعزيز العلاقة الثنائية.
وأعاد أوستن التأكيد على التزام الولايات المتحدة بأمن الأردن وبأمن المنطقة واستقرارها، وشكر عبدالله على دوره الريادي.
وشارك أيضا شواغله بشأن التحديات المشتركة، بما في ذلك ضرورة التوصل إلى حل سلمي في سوريا والتركيز على الأمن والاستقرار في العراق ومواجهة أنشطة أخرى مزعزعة للاستقرار في المنطقة، حسبما ذكر البنتاغون.
وعبّر أوستن كذلك عن تقديره للملك الأردني لاستضافته اجتماعا بتاريخ 26 شباط/فبراير في العقبة نتجت عنه "مناقشات شاملة وصريحة" بين مسؤولين كبار أردنيين ومصريين وإسرائيليين وفلسطينيين وأميركيين.
وتلا اجتماع العقبة، الذي كان الأول من نوعه منذ سنوات، اجتماع آخر عقد في 19 آذار/مارس وسعى إلى تمهيد الطريق لتسوية سلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وهدفت زيارة أوستن إلى توجيه رسالة تطمين إلى الأردن، مفادها أن الولايات المتحدة تبقى شريكا ملتزما وثابتا للمملكة والحلفاء الآخرين في الشرق الأوسط، وأنها "إلى جانبهم على المدى الطويل".
وقال أوستن "سنكون إلى جانبهم من اليوم فصاعدا مهما كانت الظروف"، مشددا على أن هذه الشراكات التي تشكلت وتطورت على مدى عقود "أدت فعليا إلى المزيد من الاستقرار".
وأعاد التأكيد أيضا على نية الولايات المتحدة تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري مع الأردن، علما أن ذلك مدعوم بمذكرة التفاهم الأميركية-الأردنية التي تمتد على 7 سنوات وتبلغ قيمتها 10.15 مليار دولار.
وأشاد بمهنية القوات المسلحة الأردنية وعبّر عن تقديره للتعاون العسكري الأميركي-الأردني وعن امتنانه لمساهمات الأردن على صعيد التعاون الأمني الإقليمي.
تعاون لمكافحة الإرهاب
ولفتت وزارة الخارجية الأميركية في ورقة حقائق حول الأردن صدرت بتاريخ 27 نيسان/أبريل 2022، إلى أن الولايات المتحدة "تقدر كل التقدير تاريخها الطويل من التعاون والصداقة مع الأردن، علما أن علاقاتهما الدبلوماسية تعود إلى العام 1949".
وذكرت "تقدر الولايات المتحدة الدور الريادي الذي يلعبه الأردن في تعزيز السلام والاعتدال في المنطقة".
يُذكر أن الأردن عمل جاهدا لنشر رسالة التسامح، لا سيما من خلال رسالة عمّان لعام 2004، وهي مبادرة رُوج لها على نطاق واسع وأطلقها عبدالله بهدف توضيح المعنى الحقيقي للإسلام.
وكان الأردن قائدا إقليميا للتحالف الدولي ضد داعش، واستمر بالعمل من أجل القضاء على فلول التنظيم وفكره المدمر.
كذلك، يعد الأردن من أعضاء التحالف العربي بقيادة السعودية الذي شكل عام 2015 من أجل دعم الحكومة الشرعية اليمنية ضد الحوثيين، وقد استضاف جهود الوساطة التي هدفت إلى تمهيد الطريق لوقف إطلاق النار وإيجاد حل للحرب اليمنية.
وفي شباط/فبراير 2019، عقدت الولايات المتحدة والأردن أول اجتماع تقني لعملية العقبة لمواجهة الإرهاب على شبكة الإنترنت، وقد ضم الاجتماع حكومات وشركات تكنولوجيا ومنظمات دولية إلى جانب المجتمع المدني وأكاديميين.
وتلا ذلك اجتماع متابعة في عمّان بشهر حزيران/يونيو ركز أيضا على مواجهة استخدام الإرهابيين للإنترنت، بحسب ما جاء في التقرير الميداني الصادر حول الأردن عن مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية.
وفي الأمم المتحدة بشهر أيلول/سبتمبر 2019، شارك الأردن مع نيوزيلندا وفرنسا في رعاية المؤتمر رفيع المستوى بعنوان "حوار القادة: استجابة استراتيجية لمكافحة الخطاب المتطرف".
درع الأردن لعام 2023
وفي منتصف آذار/مارس، شارك عناصر الجيش الأميركي في "درع الأردن لعام 2023"، وهي مناورات بقيادة الأردن أظهرت طرق الاستجابة لسيناريوهات معقدة تحاكي التهديدات الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية.
وعرض المشاركون الإجراءات المعيارية المعتمدة لاحتواء مثل هذه التهديدات والتعامل مع تأثيرها بحسب أفضل الممارسات، حسبما ذكرت صحيفة جوردان تايمز.
وكانت هذه المناورة الأولى من نوعها على مستوى الأردن، وضمت سيناريوهات أزمات أطلقت بصورة متزامنة في عمّان وإربد والزرقاء والعقبة وتطلبت استجابة مشتركة في الوقت الحقيقي من مجمل المشاركين.
وشمل أحد السيناريوهات هجوما إرهابيا أدى إلى انفجار خط أنابيب وانبعاث أمونيا بين صفوف السكان المحليين.
وتمت المناورة من قبل المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات في الأردن والقوات المسلحة الأردنية الجيش العربي والهيئات الأمنية وعدد من المؤسسات العامة والخاصة.
ونفذت بصورة مشتركة مع وكالة الدفاع الأميركية المعنية بخفض التهديدات وحرس كولورادو الوطني والسفارة الأميركية في عمّان.
وقال المنظمون إن المناورات كمناورة درع الأردن مهمة ليس فقط لما توفره من تدريب وتمرس، بل أيضا نظرا لموقع المملكة في قلب المنطقة.
وفي هذا السياق، قال العقيد الأردني فادي الفشيكات في وصف من وكالة الدفاع الأميركية المعنية بخفض التهديدات للمناورة "نريد أن نجعل من الأردن مركزا لهذه المنطقة ولدينا اليوم الخبرة في هذا المجال، وبالتالي فإن أمن هذه المنطقة يمثل أيضا أمن سكان العالم".