عملت مصر على مدى العقد الماضي على تعزيز قواتها المسلحة بوتيرة سريعة، فقامت بحيازة أسلحة حديثة وتقنيات جديدة لحالات الطوارئ البحرية والبرية والجوية وشاركت في تدريبات مشتركة مع العديد من الجيوش الشريكة.

وقال محللون إن هذه القدرات المعززة مكنت القوات المسلحة المصرية من لعب دور قيادي في الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ووفق مؤشر غلوبال فايرباور لعام 2023، صنفت مصر ضمن أفضل 15 قوة عالمية واحتلت المرتبة 14 من بين 145 دولة شملتها المراجعة السنوية.

وتمتلك مصر أقوى الجيوش العربية، تليها السعودية في المركز 22 عالميا والمركز الثاني عربيا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في نيسان/أبريل 2022 إن الولايات المتحدة قدمت لمصر منذ عام 1978 مساعدات عسكرية تزيد قيمتها عن 50 مليار دولار.

ويشكل ذلك ما متوسطه 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية لمصر سنويا، وفقا لوزارة الدفاع الأميركية.

ووفقا لتقرير نشرته خدمة أبحاث الكونغرس في أيار/مايو، بررت الإدارات الأميركية المتعاقبة المساعدات المقدمة لمصر باعتبارها استثمارا في الاستقرار الإقليمي هو مبني في المقام الأول على التعاون طويل الأمد مع الجيش المصري.

’الصحوة‘ العسكرية المصرية

وعلى مدى العقد الماضي، بدا أن القوات المسلحة المصرية شهدت تحسينات كبيرة في قدراتها إذ يضغط الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل إصلاح العقيدة العسكرية المصرية ومشترياتها من الأسلحة وقابلية التشغيل البيني مع القوات المتحالفة، وفقا لتقرير صدر عن مركز كارنيغي للشرق الأوسط لعام 2019.

وكتب روبرت سبرينغبورغ وإف. سي. "بينك" ويليامز لكارنيغي "شكلت القوات المسلحة المصرية عملاقا نائما منذ أواخر السبعينيات ولكن يبدو أنها بدأت تصحو".

وتمتلك مصر التي تسيطر على قناة السويس وتلعب دورا حيويا في تأمين الشحن التجاري والملاحة البحرية في المياه الإقليمية، قوات بحرية مهمة في كل من البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.

وفي وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية بسبب هجمات الحوثيين المدعومين من إيران على حركة الشحن في البحر الأحمر، تساعد القوة البحرية المصرية المعززة في الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط وتأمين طرق التجارة العالمية.

وكجزء من الخطوات الأخيرة لتعزيز قوتها البحرية، افتتحت مصر قاعدة برنيس العسكرية على ساحل البحر الأحمر بالقرب من أسوان في كانون الثاني/يناير 2020.

وتعد هذه القاعدة البرية والبحرية والجوية الأكبر في إفريقيا وتتسع لسفن ضخمة وحاملات طائرات وطائرات عسكرية وطائرات ركاب وسفن تجارية.

وافتتح السيسي كذلك قاعدة محمد نجيب غربي الإسكندرية في تموز/يوليو 2017. وقد استخدمت هذه القاعدة منذ ذلك الحين بكثافة في التدريبات العسكرية.

تكثيف المناورات العسكرية

وكشف المحلل العسكري وائل عبد المطلب أن مصر "استعادت [خلال السنوات الأخيرة] قدرات جيشها في كافة قطاعاته دون استثناء وعمدت إلى تزويده بالأسلحة الحديثة والتقنيات الجديدة في البحر والبر والجو".

وأضاف أن مصر أجرت مناورات عسكرية مع القوى العالمية "لتعزيز قدرات الجندي المصري".

وفي عام 2021، أجرى الجيش المصري 41 مناورة مشتركة، نفذت 29 منها داخل الحدود الوطنية، حسبما ذكرت الهيئة العامة للاستعلامات في كانون الثاني/يناير 2022.

واستضافت مصر 5 مناورات بحرية مع الجيش الأميركي في البحر الأحمر، إلى جانب مناورة واحدة للعمليات الخاصة لمكافحة الإرهاب، وفقا لرسم بياني نشره المتحدث باسم الجيش المصري غريب الحافظ.

إلى هذا، استضافت مصر أيضا عملية النجم الساطع، وهي أكبر مجموعة من المناورات العسكرية متعددة الجنسيات في الشرق الأوسط وقد انطلقت عام 1981 بين مصر والولايات المتحدة.

وفي النسخة الأخيرة للعملية التي جرت بين 31 آب/أغسطس و14 أيلول/سبتمبر، انضمت جيوش من 32 دولة إلى مصر والولايات المتحدة.

ويعتمد النجم الساطع على العلاقة الأمنية الإستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، وهي علاقة تلعب دورا رائدا في الأمن الإقليمي وجهود مكافحة انتشار التطرف.

وفي هذا السياق، قال محلل الشؤون الأمنية العميد (المتقاعد) خالد عكاشة إن المناورات ساعدت القوات المصرية والأميركية على الاستعداد لمجموعة من التحديات الأمنية والإرهابية.

وأضاف أنه في كل نسخة من هذه المناورات العسكرية، يتم اختبار وتقييم أحدث التطورات التكنولوجية للتأكد من ملاءمتها لمختلف المواقف القتالية.

وقال الجيش المصري إن القوات المسلحة المصرية والقوات الأميركية اختتمت في آذار/مارس مناورة عسكرية مشتركة في مصر تحت اسم "إس أو إف02"، شاركت فيها وحدات من المظليين المصريين وقوات الصاعقة والقوات الخاصة البحرية والقوات الخاصة الأميركية.

وتلقت القوات الأمنية تدريبات حول اقتحام بؤرة إرهابية داخل منطقة سكنية وتحرير الرهائن والقبض على العناصر الإرهابية واتخاذ تدابير لمواجهة العبوات الناسفة.

وشارك عناصر من القوات البحرية والقوات الخاصة البحرية المصرية في المناورة البحرية الدولية المشتركة السيف السريع (آي إم إكس/سي إي23) في البحرين والأردن في الفترة بين 26 شباط/فبراير و17 آذار/مارس.

وقال الجيش المصري إن التدريب سلط الضوء على قيمة التعاون الدولي في الحفاظ على الأمن البحري وحماية طرق التجارة العالمية.

وأفاد موقع الأهرام أونلاين أن نحو 7000 جندي من 50 دولة شاركوا في المناورات ومن بينها الولايات المتحدة، مع تولي مصر مركز القيادة والسيطرة البحرية خلال قسم المناورات الذي أقيم في البحرين.

وفي حديثه لموقع ديفينس نيوز في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، قال محمد الكناني محلل شؤون الدفاع في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ومقره القاهرة إن "زيادة عدد المناورات وتنويعها… لا يفيد مصر فحسب، بل يفيد أيضا حلفاءها في الشرق الأوسط".

وأضاف "إذا كانت ثمة حاجة لمصر في مواجهة بحرية بين إيران وجيرانها، فإن البحرية المصرية لن تتردد في مساعدة حلفائها ضد طهران".

الدور المصري ’محوري‘

ويبلغ عدد عناصر القوات المسلحة المصرية نحو 917 ألف و500 فرد، بينهم 438 ألف و500 في الخدمة الفعلية، بحسب التقييم العسكري للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية لعام 2022.

وتدرب الآلاف من هؤلاء مع القوات الأميركية و"خضعوا للتدريب نفسه في مجال حقوق الإنسان" كالجيش الأميركي، كما كتب غرايم بانرمان في عام 2011 لمعهد الشرق الأوسط.

وتقوم مصر بتشغيل آليات مدرعة أميركية وتحلق بطائرات أميركية. وقال المحلل العسكري المصري عبد الكريم أحمد إن هذه القدرات تجعل منها "قوة ضاربة حاسمة في المنطقة في الرد على أي حوادث أمنية قد تحدث في النقاط الساخنة".

وأضاف أنه إلى جانب القدرات الدبلوماسية المتميزة واستخدام القوة الناعمة، تمكنت مصر من نزع فتيل الصراعات في غزة وليبيا ولبنان وسوريا.

واعتبر أحمد أن الدور المصري أصبح محوريا "مع عودة قدرات الجيش المصري إلى ما كانت عليه قبل عقود... خاصة من خلال التحالفات الإقليمية والدولية مع الجهات الفاعلة الرئيسية وفي مقدمتها الولايات المتحدة".

وتعتبر واشنطن القاهرة شريكا قيما في مكافحة الإرهاب ومكافحة تهريب المخدرات والعمليات الأمنية الإقليمية والتي تعمل بشكل جماعي على تعزيز السلامة العامة في المنطقة.