تعوق قدرات إلكترونيات الطيران المحدودة في مقاتلات سو-35 فلانكر-إيه الروسية إلى حد كبير قدرتها على تنفيذ المهام المنوطة بطائرات الجيل الرابع وتطبعها بصورة سيئة مقارنة بنظيراتها الغربية، بحسب تقارير عدة ومحللين.
وتعد المقاتلة سو-35، وهي نسخة محدثة من المقاتلة سو-27، طائرة من الجيل الرابع تستخدم تقنيات المقاتلات من الجيل الخامس، وفق ما ذكرته شركة يونايتد إيركرافت، وهي الشركة الروسية المصنعة.
وتم تجهيز سو-35 بنظام الرادار إيربيس-إيه، وهو نظام روسي متعدد الأوضاع وهجين ذو صفيف مسح إلكتروني سلبي.
وبحسب شركة يونايتد إيركرافت، يستطيع النظام الكشف عن الأهداف الجوية على نطاق يصل إلى 200 كيلومتر، أو إلى ما بين 350 و400 كيلومتر مع مجال رؤية أضيق، وهو قادر على تعقب ما يصل إلى 30 هدفا في الوقت عينه وتوجيه صواريخ إلى 8 منها من دون انقطاع في المراقبة الجوية.
ويستطيع نظام التحكم بالرادار أيضا توفير خيار الكشف عن الأهداف الأرضية المتحركة واستهداف ما يصل إلى 4 منها.
ويحتوي أيضا على وضع رادار الفتحة التركيبية الذي يسمح له بتحديد المواقع على الخريطة بدقة تبلغ 3 أمتار مربعة.
ولفت مراقبون إلى أنه في حين قد تبدو مثل هذه القدرات مبهرة من الناحية النظرية، إلا أن نظام الرادار في سو-35 يعاني من قدرات محدودة لم يعلن عنها.
فكتب المحلل في مجال الطيران أبيروب سانغوبتا على موقع كورا، أن مدى 350 كيلومتر الذي تم الترويج له لإيربيس-إيه هو فقط للبحث الملقن، وهذا ما يتطلب على الأرجح مساعدة من طائرات الإنذار المبكر والتحكم الجوي أو رادارات أخرى.
وكتب عام 2020 في إشارة إلى وثائق مواصفات الطائرة أن "الأهم هو أن رادار سو-35 له مدى استهداف أقصى يبلغ 250 كيلومترا، حتى بالنسبة لهدف شبيه بالطائرة القاذفة طراز بي-52".
وتشكل القاذفة بي-52 هدفا كبيرا جدا بالنسبة لنظام رادار، ما يعني أن نظام الرادار في الطائرة سو-35 لن يتمكن من رصد الأهداف الأصغر حجما.
وأشار سانغوبتا أيضا إلى فيديو يظهر اختبارا جويا لإيربيس-إيه حيث يرصد هذا الأخير بحسب ما زعم هدفا واحدا من على بعد 268 كيلومترا، إلا أنه لم يتمكن من تعقبه إلا بعد أن بلغ بعده عنه مائة كيلومتر.
نسخ قديمة
وتشكل سو-35 المقاتلة الأبرز من الجيل الرابع والتي لا تتميز بخيار رادار صفيف المسح الإلكتروني النشط، وهي نسخة أحدث وأكثر تطورا من الجيل الثاني عن تقنية صفيف المسح الإلكتروني السلبي الأساسية.
ومقارنة بأنظمة الرادار بصفيف المسح الإلكتروني السلبي مثل إيربيس-إيه، تتميز رادارات صفيف المسح الإلكتروني النشط بمدى أطول وقدرة محسنة على الكشف عن الأهداف الأصغر ومقاومة أفضل للتشويش.
ويعني ذلك أن الطائرات الأخرى من الجيل الرابع والمجهزة برادارات صفيف المسح الإلكتروني النشط، قادرة على الأرجح على رصد ومواجهة الطائرة سو-35 خارج مدى الرؤية البصرية قبل أن تستطيع هذه الأخيرة الرد.
وعلى سبيل المثال، تتمتع المقاتلة إف-16 فايتينغ فالكون ورادار صفيف المسح الإلكتروني النشط إيه إن/إيه بيه جي-83 الخاص بها، بمزايا كبيرة مقارنة بالمقاتلة سو-35.
حيث يصل مدى الرادار إيه إن/إيه بي جي-83 إلى 370 كيلومترا، مقارنة بمدى 200 كيلومتر لإيربيس-إيه في نطاق البحث العادي.
وتتمتع حتى مقاتلات إف-16 المجهزة برادار إيه إن/إيه بي جي-68 الأقدم، بنطاق اكتشاف يبلغ 296 كيلومترا.
كما تعد قدرات سو-35 جو-أرض أقل مستوى من نظيراتها.
وتتوازى دقة رادار الفتحة التركيبية لإيربيس-إيهال البالغة 3 أمتار، مع رادار إيه بي جي-70 الخاص بالمقاتلة إف-15 فايتينغ إيغل، وهو نظام يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي وتبلغ الدقة المعلن عنها فيه 2.6 متر.
وعلى سبيل المقارنة، تبلغ دقة رادار الفتحة التركيبية في النسخة الأحدث للرادار إيه إن/إيه بي جي-68، 0.6 متر، وهو ما يشبه الصور التي تنتجها أحدث الأقمار الصناعية التجارية.
تجاوز للواقعʻ
كما أن المقارنة لا تخدم الأنظمة الأخرى في الطائرة سو-35 بصورة إيجابية.
حيث ذكر سانغوبتا أن نظام التحكم في النيران للبحث والتعقب بالأشعة تحت الحمراء طراز أو أل أس-35 في المقاتلة سو-35 هو "النظام الأقل قوة في أية مقاتلة حديثة".
وتستطيع المقاتلات استخدام البحث والتعقب بالأشعة تحت الحمراء للكشف عن توقيع الأشعة تحت الحمراء للأهداف، الذي يتألف من الحرارة التي تولدها المحركات والحرارة الاحتكاكية المولدة بين الجو والطائرة.
ولفت سانغوبتا إلى أن أو أل أس-35 يستخدم جهاز استشعار غير عاكس يعمل بالأشعة دون الحمراء ويحد إلى حد كبير من عدد الأهداف التي يستطيع تعقبها، مضيفا أن نظام بايرت للبحث والتعقب بالأشعة تحت الحمراء في الطائرة يوروفايتر تايفون يستطيع بحسب المعلومات تعقب ما يصل إلى 500 هدف.
وفي هذه الأثناء، تفتقر صواريخ آر-73 وآر-74 بالطائرة سو-35 أيضا إلى أجهزة البحث عن الأشعة تحت الحمراء، وهو ما يحد من قدرتها على إطلاق النار بدون الحاجة إلى توجيه الطرف الأمامي للمقاتلة نحو الهدف المحدد، بحسب ما كتب سانغوبتا.
وفي السياق نفسه، كتب المحلل في مجال الأمن الدولي سيباستيان روبلين لموقع بزنس إنسايدر في آب/أغسطس الماضي أن صاروخ آر-77 خارج مدى الرؤية البصرية الذي تستخدمه المقاتلة سو-35 يفتقر إلى المدى والوثوقية مقارنة بالصواريخ الغربية المنافسة له.
وكتب سانغوبتا في إشارة إلى مقاتلات أخرى أميركية وأوروبية من الجيل الرابع أن "المقاتلة سو-35 هي حتما المقاتلة الأعلى قدرة في سلاح الجو الروسي... ولكن القول إنها على المستوى نفسه كمقاتلات إف-15ئي وإف/إيه-18ئي/إفأو تايفون أو رافال، ناهيك عن القول إنها 'متفوقة' على تلك المقاتلات، هو حديث يتجاوز الواقع".
وقال إنه "يتم الترويج لها على أنها ʼخارقةʻ، وهو وصف لا يعكس الواقع إطلاقا".
وأضاف "يجب النظر إلى ما وراء الدعاية، فهي لا تتفوق في أي مجال باستثناء الاستعراضات الجوية ربما".
أسرار ستظهر إلى العلن
وكتب المحلل روبلين أن النقص في سو-35 بدأ يظهر جليا عام 2021، عندما اختبرت القوات الجوية المصرية مقاتلة رافال الفرنسية مقابل مقاتلة سو-35.
وذكر أن "مفعول رادار مقاتلة سو-35 المهاجمة أبطل بمفعول التشويش الدفاعي الصادر عن مجموعة الحرب الإلكترونية طراز إف3آر سبكترا بالمقاتلة رافال ... فتحركت رافال لاستهداف سو-35 وإسقاطها في المناورة التجريبية".
ولهذه المقاتلة أوجه قصور عديدة تم تحديدها، وإضافة إلى ذلك ستظهر إلى العلن قريبا أية أسرار أخرى مرتبطة بها.
وفي هذا الإطار، حصل علماء أميركيون وبريطانيون على مقاتلة من طراز سو-35 تم إسقاطها من قبل القوات الأوكرانية عام 2022، لتفحصها في إنكلترا، بحسب ما جاء على موقع SOFREP.com في كانون الأول/ديسمبر.
وقال جاستن برونك، وهو محلل قوة جوية بمعهد رويال يونايتد للخدمات البحثية في بريطانيا، لموقع SOFREP.com إن "أية فرصة محتملة لفحص مكونات الرادار أو وحدات الحرب الإلكترونية للمقاتلة سو-35 التي تم إسقاطها ستكون قيّمة ذلك أن مثل هذه المكونات وحتى في حال تضررها يمكن أن تؤكد أو أن تقوض أية تقييمات استخبارية حالية بشأن طريقة عملها".