من المقرر أن تتسلم إيران في الأشهر المقبلة عددا من المقاتلات الروسية من طراز سو-35 التي يصفها الكرملين بأنها سلاح متطور، لكنها من وجهة نظر خبراء الطيران تعتبر على نطاق واسع أقل شأنا بالمقارنة بطائرات الجيل الرابع الأخرى.
وأفادت وكالة تسنيم نيوز التابعة للحرس الثوري الإيراني أن روسيا ستسلم المقاتلات لإيران في أوائل السنة الشمسية الجديدة التي تبدأ يوم 21 آذار/مارس.
وفي مقابلة مع الوكالة، أكد شهريار حيداري، وهو عضو في لجنتي الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، طلب الشراء لكنه لم يذكر عدد الطائرات التي طلبت إيران شراءها أو متى تم شراؤها.
ولطالما كانت هناك تكهنات حول صفقات المقاتلات الروسية.
فقبل أن يقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا في شباط/فبراير الماضي، التقاه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في موسكو في كانون الثاني/يناير 2022 لمناقشة "التعاون طويل الأجل".
ومع أنه لم يتم بعد الإعلان رسميا عن تفاصيل الصفقة، يُعتقد أن الجانبين قد وقعا اتفاق دفاع لمدة عشرين عاما بقيمة 10 مليار دولار أميركي.
وبموجب هذا الاتفاق، ستمد روسيا إيران بـ 24 مقاتلة من طراز سو-35 سوبر فلانكر ونظامي دفاع صاروخي جوي متقدم من طراز إس-400 وقمر اصطناعي عسكري، حسبما أوردت فوربس يوم 30 كانون الأول/ديسمبر.
ويأتي كل هذا وسط أدلة متزايدة على العلاقة العسكرية الغامضة بين إيران وروسيا التي تتضمن قيام إيران بإمداد موسكو بعدد كبير من المسيرات الانتحارية لاستخدامها في أوكرانيا.
مبالغة في القدرات
وقال خبراء الطيران إن الطائرة سو-35 هي أكثر المقاتلات الروسية تطورا وإنها توفر عددا من القدرات المتقدمة، لكنهم يشيرون إلى أن الشركة التي تصنع المقاتلة، إلى جانب وسائل الإعلام المرتبطة بالكرملين، قد بالغوا إلى حد بعيد في وصف أدائها مقارنة بالمقاتلات الحديثة الأخرى.
فقد كتب محلل الطيران أبهيروب سنغوبتا على موقع كورا، ذاكرا أسماء بدائل أميركية وأوروبية، أن "المقاتلة سو-35 هي بالتأكيد أكثر المقاتلات قدرة في سلاح الجو الروسي ... لكن القول إنها على نفس مستوى المقاتلات من طراز إف-15 إي أو إف/إيه-18إي/إف أو تايفون أو رافال، ناهيك عن القول إنها 'متفوقة' على تلك المقاتلات، هو حديث يتجاوز الواقع".
وأضاف واصفا المقاتلة سو-35 أنه "يتم تسويقها على أنها 'الأفضل من كل مثيلاتها في العالم'، وهي ميزة لا تقترب منها".
"لكن إذا نحينا الدعاية جانبا، سيعرف المرء أنها ربما لا تتفوق في أي مكان غير العروض الجوية".
بدوره، كتب داريو ليون في عام 2020 في مقالة يسرد فيها تفاصيل مجموعة من الهنات التي لا تعاني منها الطائرات المنافسة الغربية، أن "المقاتلة سو-35 تأخذ لقب مقاتلة الجيل الرابع الأكثر مبالغة".
وقبل ثلاث سنوات، سرد ليون تفاصيل مسائل أخرى تتعلق بشراء الطائرات الروسية.
فقد كتب ليون في مقال عام 2017 حول المقاتلة سو-35 أن "الطائرات الروسية لا تعرف أبدا بموثوقيتها، أضف إلى ذلك أطقم الصيانة سيئة التدريب ونقص قطع الغيار، فمن غير المرجح أن تستطيع قوة عشوائية من العالم الثالث تصنيع طائرة قادرة على العمل بكامل طاقتها في معظم الأوقات".
"إضافة إلى ذلك، فمن غير المرجح أن يكون لدى خصم محتمل، باستثناء روسيا والصين، نظام أواكس [نظام الإنذار والتحكم المحمول جوا] أو قدرات اعتراض كاملة يتم التحكم فيها على الأرض، وهو الأمر الذي يعوق العدو على نحو إضافي".
سجل حافل من التباهي
ولبوتين ووزارة دفاعه تاريخ طويل من التباهي بالعتاد الروسي المتقدم، بل وحتى ذهبا إلى حد القول إن لديهما جيل جديد من الأسلحة "التي لا تقهر".
وعلى سبيل المثال، في عام 2018، زعم بوتين أن روسيا قد بنت نظام صاروخي جديد أسرع من الصوت، وهو نظام المركبة أفانغارد الأسرع من الصوت، الذي يمكن أن يحلق بسرعة تفوق سرعة الصوت بعشرين ضعفا.
وأضاف في خطاب حالة الأمة الذي ألقاه في ذلك العام أن "هذا يجعل النظام لا يقهر على الإطلاق بالنسبة لأي من أشكال الدفاع الجوي والصاروخي"، واصفا إياه بـ "السلاح النموذجي".
ولكن كما أثبتت الحرب في أوكرانيا، فإن أداء التكنولوجيا والمعدات العسكرية الروسية كان أقل بصورة كبيرة في ساحة المعارك [من أداء الأسلحة الغربية]، وقد لجأت القوات الروسية لاستخدام معدات قديمة ومتهالكة.
فقد أثبتت الدفاعات الصاروخية الروسية عجزها أمام منظومة صواريخ المدفعية عالية الحركة (هيمارس) الأميركية الصنع التي فجرت مرارا وتكرارا مستودعات الذخيرة ومراكز القيادة.
وأوردت مجلة بوبلار ميكانيكس في أيلول/سبتمبر الماضي أن "القوات الروسية تعاني في إسقاط مسيرات تكتيكية صغيرة بساحة المعارك يستخدمها المدافعون الأوكرانيون لإسقاط قنابل مضادة للطائرات من الجو".
وقالت إن "الدبابات الروسية مثل الطراز تي-72بي3 ليس بها دفاع ضد الأسلحة الغربية المضادة للدبابات مثل نظام جافلين المضاد للدبابات أو الجيل القادم من الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات (NLAW) التي تضرب الدرع الرقيق لسقف البرج، متجاوزة أثقل الدفاعات بالدبابة".
وبعد شهرين فقط من بدء الحرب، وفي نيسان/أبريل الماضي، فقدت البحرية الروسية بارجتها الرائدة بأسطول البحر الأسود أمام الصواريخ الأوكرانية محلية الصنع.
وأشارت مجلة بوبلار ميكانيكس في أيلول/سبتمبر الماضي إلى أن "الدبابات والسفن والعربات المدرعة الروسية كانت تنفجر بصورة متكررة على شاشات التلفزيون على مستوى العالم طيلة أشهر، ما جعلها سلعا غير جذابة".
التراجع عن الصفقات
هذا وتراجع عدد من الحكومات مؤخرا عن صفقات المقاتلة سو-35 مع الكرملين، مشيرة إلى مسائل تتعلق بالقدرات وقطع الغيار.
فمثلا رفضت مصر والجزائر وإندونيسيا شراء المقاتلة سو-35، مثلما ورد في وقت مبكر من العام الماضي.
وقالت مصادر لديفنس بلوج في كانون الثاني/يناير 2022 إن "صناعة الدفاع الروسية خسرت ثلاثة طلبات كبيرة لشراء المقاتلات سو-35 مرة واحدة جراء الإخفاق في استبدال رادار المجموعة الممسوحة ضوئيا وإلكترونيات الطيران، التي كانت تستورد من قبل من عدد من البلاد الأوروبية وإسرائيل".
ووفق نفس المقال، فقد لعبت إيران دور الأداة المفيدة لروسيا حين قرر العملاء الثلاثة إلغاء طلباتهم.
وبحسب ديفينس بلوج، "فقد رفضت شركة روسوبورون إكسبورت، وهي مصدر الأسلحة الرئيس في روسيا، التعليق ... لكن لاحقا أفادت وكالة مهر نيوز أن روسيا مستعدة لبيع مقاتلات سو-35 لإيران".
المرء يحصل على ما يدفع مقابله
ومع أنه لم يتم الإعلان عن سعر المقاتلات في صفقة إيران، فإن الخروج بمزاعم كبيرة وبيع الأشياء بسعر رخيص هو استراتيجية معروفة للكرملين.
ففي عام 2021، كشفت روسيا النقاب عن مقاتلتها الشبح الجديدة من طراز سوخوي، التي أطلق عليها اسم تشيك ميت (كش ملك).
وكانت قد ظهرت تفاصيل قليلة عن الطائرة التي طورتها شركة روستيك الدفاعية وشركة يونايتد إيركرافت (UAC) التي تسيطر عليها الدولة، لكن الشركات المصنعة سرعان ما خرجت بمزاعم ليس لها أي أساس من الصحة.
وقالت إن الطائرة تستطيع مهاجمة ستة أهداف في نفس الوقت سواء في البر أو الجو أو البحر، "بل وحتى في ظل تدخل إلكتروني قوي".
وقال المدير العام لشركة UAC يوري سليوسار إنه يتوقع تلقي 300 طلب شراء تقريبا في السنوات الـ 15 المقبلة، وبصورة رئيسة من الشرق الأوسط وآسيا وأميركا اللاتينية.
وأكد سليوسار أن أقوى نقطة بيع هو سعر الطائرة، وهو "أقل بمقدار سبعة أضعاف" من سعر المقاتلة الأميركية إف-35.
وفي حين أن الطائرة الروسية قد تكون أقل تكلفة من المقاتلة الأخرى متعددة الاستخدامات التي أثبتت قدراتها كطائرة شبحية، فإن ميل الكرملين نحو المبالغة، وتاريخ روسيا من الحوادث العسكرية القاتلة، يثير شكوكا حول جودة الطائرات الروسية.
دعاية أمريكية تحاول التقليل من فعالية كل ما هو مصنوع في روسيا أو في الصين ، أصبحت الدعايات الأمريكة مملة وممجوجة لأنها لا تستند لا إلى حقائق علمية ولا إلى وقائع عملية .
رد