يملك سلاح الجو الأميركي أسطول القاذفات الاستراتيجية الأقوى في العالم، ما يمكّن الجيش الأميركي من تأمين قوة سريعة وفتاكة في المواقف المعادية ومساعدة الحلفاء الذين يحتاجون إلى دعمه.
وسيكون طابع أسطول القاذفات التابع لسلاح الجو، والذي بات يضم اليوم قاذفات بي-1 بي لانسر وبي-2 سبيريت وبي-52 ستراتوفورتريس، مختلفا جدا في السنوات القادمة بعد الكشف عن قاذفة بي-21 ريدر الجديدة التي من المتوقع أن تدخل الخدمة في العام 2027.
وتشكل قاذفة بي-1 بي لانسر العمود الفقري لقوة قاذفات الولايات المتحدة طويلة المدى وتستطيع أن تحمل أكبر حمولة تقليدية من الأسلحة الموجهة وغير الموجهة في مخزون سلاح الجو. ويقدر عدد القاذفات في الخدمة الآن بأكثر من 60 قاذفة.
هذا وتعتبر بي-2 سبيريت قاذفة خفية صممت لاختراق الدفاعات الكثيفة المضادة للطيران وهي قادرة على إطلاق الذخائر التقليدية والنووية. ويقدر أن هناك 20 منها في الخدمة حاليا.
أما بي-52 ستراتوفورتريس، فهي قاذفة ثقيلة طويلة المدى تستطيع تأدية مجموعة متنوعة من المهام كالهجمات الاستراتيجية والدعم الجوي القريب والاعتراض الجوي والعمليات الجوية الهجومية المضادة والعمليات البحرية. ويقدر أن هناك أكثر من 70 منها في الخدمة حاليا.
ومن المتوقع أن تبقى قاذفة ستراتوفورتريس قيد الخدمة حتى العام 2050، وقد خطط سلاح الجو لعدة أعمال تطوير تشمل محركات جديدة ورادارا جديدا وسلاحا نوويا مبتكرا.
ورغم أن بعض هذه القاذفات الأقدم ستستمر بعملها وتخضع لأعمال تطوير، إلا أنه سيتم وقف البعض الآخر عن الخدمة في السنوات القادمة بالتزامن مع إطلاق قاذفة بي-21 ريدر.
وتم الكشف عن هذه الأخيرة في مطلع كانون الأول/ديسمبر، ومن المتوقع أن تخدم ضمن سلسلة أوسع نطاقا من أنظمة الضربات التقليدية طويلة المدى، بما في ذلك الاستخبارات والرصد والاستطلاع والهجمات الإلكترونية والاتصالات، إلى جانب قدرات أخرى. وتتميز هذه القاذفة بقدرة نووية، وقد صممت لتنفيذ عمليات مأهولة وغير مأهولة.
وفي هذا السياق، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في 2 كانون الأول/ديسمبر إنه "في ظل استمرار الولايات المتحدة بالابتكار، ستكون هذه القاذفة قادرة على الدفاع عن بلدنا بأسلحة جديدة لم يتم حتى اختراعها بعد".
وأشار إلى أن "القاذفة بي-21 متعددة الوظائف. فتستطيع تأدية مجمل المهام، من جمع المعلومات الاستخبارية إلى إدارة المعارك والتكامل مع حلفائنا وشركائنا. وستعمل بسلاسة عبر المجالات والمواقع والقوة المشتركة".
ويتوقع سلاح الجو الحصول على ما لا يقل عن مائة قاذفة من طراز بي-21.
أنواع الأسلحة المرتبطة بالقاذفات الأميركية
وتستطيع القاذفات الاستراتيجية الأميركية حمل مجموعة واسعة من الذخائر الموجهة النووية وغير النووية، مثل صاروخ كروز الذي يطلق من الجو إيه جي أم-86 وصاروخ كروز المشترك جو-أرض إيه جي أم-158 وذخائر الهجوم المباشر المشترك.
والصاروخ كروز الذي يطلق من الجو هو صاروخ موجه يهدف إلى إضعاف القوات المعادية وتعقيد الدفاع عن أراضيها. وستضطر قوة العدو في هذه الحال إلى مواجهة كل صاروخ على حدة، ما يجعل الدفاع مكلفا ومعقدا، حسبما ذكر سلاح الجو.
وأوضح أنه "تتم عرقلة دفاعات العدو بصورة أكبر بصغر حجم الصواريخ وقدرة التحليق على ارتفاع منخفض، ما يصعّب رصدها بالرادار".
أما ذخائر الهجوم المباشر المشترك، فهي مجموعة أدوات دعم توجيهية تحول القنابل غير الموجهة إلى ذخيرة "ذكية" دقيقة في الأجواء المعاكسة. وتسمح بتوجيه أسلحة متعددة ضد هدف واحد أو أكثر في آن واحد.
ويعد صاروخ كروز المشترك جو-أرض صاروخا موجها يطلق من الجو من بعد ويصعب رصده ويبلغ مداه 370 كيلومترا، في حين أن النسخة ذات المدى الممتد منه يصل مداها إلى نحو ألف كيلومتر.
وتشتمل كلتا النسختين، المزودتين برؤوس حربية يبلغ وزنها 432 كيلوغراما، على هياكل جوية متماثلة يصعب رصدها وهي مصممة لتجنب الدفاعات الجوية للعدو.
كما أن هذه الصواريخ مزودة بوحدة نظام ملاحة بالقصور الذاتي/نظام تحديد الموقع العالمي تم تطويرها لذخائر الهجوم المباشر المشترك وقنابل الأسلحة المشتركة التي تطلق من بعد وأداة تتبع تعمل بالأشعة دون الحمراء للتوجيه الطرفي ومجموعة متنوعة من الرزم الخاصة مثل التشويش الإلكتروني.
وعند تجهيزها برابط بيانات أسلحة، تستطيع النسخة ذات المدى الممتد أن تصحح المسار بعد الإطلاق، ما يمكنها من ضرب الأهداف المتحركة على الأرض أو في البحر.
ومن المتوقع أن يبدأ سلاح الجو الأميركي في استلام نسخة أخرى من الصاروخ، وهي نسخة المدى البعيد التي يصل مداها إلى نحو 1800 كيلومتر، اعتبارا من كانون الثاني/يناير 2024.
هذا وتستطيع كل قاذفة من قاذفات ستراتوفورترس أن تحمل ما يصل إلى 12 صاروخا من الصواريخ المشتركة جو-أرض على أبراج أجنحتها، بالإضافة إلى 8 صواريخ أخرى داخل حجيرة القنابل.
ومع 20 قاذفة من طراز بي-52 إتش، يستطيع سلاح الجو الأميركي أن يستخدم نحو 400 من الصواريخ من النسخة ذات المدى الممتد ضد أهداف من مسافة بعيدة قصوى تصل إلى ألف كيلومتر.
المهام الأخيرة
وخلال العام 2022، أعادت القاذفات الاستراتيجية الأميركية مرارا وتكرارا تأكيد التزام واشنطن تجاه حلفائها.
فقد نفذت القيادة المركزية الأميركية أحدث المهام التي تعرف بمهمة القاذفات في 10 تشرين الثاني/نوفمبر.
وخلال المهمة، حلقت قاذفتان من طراز بي-52 إتش ستراتوفورتريس من ولاية لويزيانا الأميركية إلى منطقة القيادة المركزية الأميركية التي تشمل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ونسقت مع القوات الجوية في 13 دولة حليفة على طول الطريق.
وكانت إسرائيل من الدول التي نسقت معها. حيثرافقت الطائرات الحربية الإسرائيلية من طراز إف-35 أدير القاذفات فوق الأجواء الإسرائيلية في طريق عودتها من الخليج العربي.
وذكرت القيادة المركزية الأميركية أن هذا النوع من التنسيق عالي المستوى أثناء المهمة أظهر "القدرة على نشر القوة الجوية العالمية بسرعة إلى جانب قوات الشركاء وقوات التحالف وضمان أمن هذه المنطقة المهمة".
وفي شباط/فبراير وآذار/مارس وحزيران/يونيو، نفذت القاذفات الأميركية 3 "دوريات تواجد" في الشرق الأوسط.
وذكر مسؤولون عسكريون أن قاذفتين تابعتين لسلاح الجو الأميركي من طراز بي-52 ستراتوفورتريس وطائرتين من طراز كيه سي-10 إكستندر و3 طائرات من طراز كيه سي-135 ستراتوتانكر، حلقت فوق شرقي المتوسط وشبه جزيرة العرب والبحر الأحمر وتعاونت في بعض المواقع مع شركاء من المنطقة والتحالف الدولي.