انضمت مجموعة حاملة الطائرات شارل ديغول إلى القوات البحرية للحلفاء في مهمة مطولة في شرق المتوسط، بهدف زيادة التواجد الفرنسي بصورة كبيرة في العمليات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لأشهر مقبلة.
وكانت حاملة الطائرات شارل ديغول قد غادرت فرنسا يوم 15 تشرين الثاني/نوفمبر في إطار مهمة أنتاريس التي يشارك فيها 3000 جندي من فرنسا وشركاء حلفاء.
واعتبارا من 14 كانون الأول/ديسمبر، تواجدت حاملة الطائرات في شرق المتوسط وبدأت المشاركة في عمليات محاكاة قتالية في إطار عملية العزم الصلب، وهي العملية التي ينفذها التحالف الدولي لهزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وفي إطار مهمة أنتاريس، من المقرر أن تساهم حاملة الطائرات شارل ديغول في تأمين الجناح الشرقي لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأن تشارك في عملية العزم الصلب، وربما أيضا تتوجه إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي، وفقا لبيان صادر عن وزارة القوات المسلحة الفرنسية.
وقالت الوزارة في البيان إن "مهمة أنتاريس تشارك في التموضع الاستراتيجي عبر الاحتفاظ بتواجد مرئي ومفترض لفرنسا في المناطق البحرية".
وأضافت أن "فرنسا، بصفتها لاعبا عسكريا كبيرا، تظهر بهذا الأمر أنها تستطيع التدخل في مناطق مصالحها بقدرات كبيرة، معتمدة في ذلك على حرية العمل التي تسمح بها أعالي البحار".
تعاون الحلفاء
وتضم قائمة السفن التي تعمل معها حاملة الطائرات شارل ديغول في إطار مهمة أنتاريس كلا من المدمرة الأميركية يو إس إس روزفلت والفرقاطة أدرياس، وهي فرقاطة من فئة إللي تابعة للبحرية اليونانية، والفرقاطة فيرجينيو فاسان، وهي فرقاطة أوروبية متعددة المهام تابعة للبحرية الإيطالية والفرقاطة ألساس، وهي فرقاطة أوروبية متعددة المهام للدفاع الجوي تابعة للبحرية الفرنسية.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، شاركت حاملة الطائرات شارل ديغول في مناورات إلى جانب أربع حاملات طائرات أخرى تابعة لحلف الناتو، وهي حاملتا الطائرات يو إس إس جورج بوش ويو إس إس جيرالد فورد التابعتان للبحرية الأميركية، وحاملة الطائرات كوين إليزابيث التابعة للبحرية الملكية البريطانية وحاملة الطائرات إتس كافور التابعة للبحرية الإيطالية.
وقالت نائبة المتحدث باسم البنتاغون سابرينا سينغ يوم 17 تشرين الثاني/نوفمبر، إن "هذه العمليات توفر فرصة للحلفاء لتنسيق القوة القتالية الحرجة في جميع أنحاء منطقة أوروبا-المحيط الأطلسي مع إظهار تماسك حلف الناتو وقدرته على التشغيل البيني".
وأضافت "وتمثل أيضا فرصة لاختبار تعاون الحلفاء والتدريب على مفاهيم الردع والدفاع بحلف الناتو في كل المناطق الجغرافية والمجالات العملياتية والمجالات الوظيفية للحلف".
من جهتها، قالت الناطقة باسم حلف الناتو أوانا لونغسكو في بيان يوم 18 تشرين الثاني/نوفمبر، إن عمليات الانتشار هذه "تبين قدرتنا على إبراز القوة عبر التحالف مع تعزيز الحلفاء بسرعة".
وفي سياق حرب روسيا ضد أوكرانيا، أضافت أن "هذه الحاملات توفر عمليات الردع وتساعد في الإبقاء على خطوط اتصالاتنا البحرية مفتوحة. إن قوتنا ترسل رسالة واضحة بأن حلف الناتو سيحمي ويدافع عن كل شبر من أراضي الحلفاء".
وكان الحلفاء قد قرروا في قمة الناتو في آذار/مارس نشر مجموعات حاملات هجومية وغواصات وأعداد كبيرة من السفن القتالية للقيام بدوريات على أساس مستمر.
الالتزام في الخارج
ووفق مسؤولين عسكريين، فإن نشر مجموعة حاملة الطائرات شارل ديغول بشرق المتوسط وربما أيضا بالبحر الأحمر والمحيط الهندي، يمثل أيضا الالتزام القوي لدول حلف الناتو بمساعدة الشركاء في الشرق الأوسط وخارجه.
وحتى فيما يتعامل حلف الناتو مع غزو روسيا غير المبرر لأوكرانيا، فإن الدول الأعضاء، بما فيها الولايات المتحدة، تحافظ على تواجد لها في المناطق الاستراتيجية مثل بحر العرب.
ويشكل بحر العرب، الذي يقع بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، الممر المائي الذي يتوجب على كل السفن الإيرانية عبوره للوصول إلى الموانئ العالمية، كما يمثل رابطا رئيسا في "عقد اللؤلؤ" الصيني.
ولطالما هددت إيران بإغلاق مضيق هرمزومهاجمة السفن البحرية في حال حصول حرب.
وفي هذه الأثناء، أدت حملة مشاريع البنى التحتية الضخمة التي أطلقتها الصين خلال السنوات الأخيرة لربط برها الرئيس بالقرن الإفريقي عبر شبكة من المنشآت العسكرية والتجارية إلى أثارة بعض المخاوف.
وأشار الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ في قمة الحلف التي عقدت في مدريد في شهر حزيران/يونيو، أن الصين ستظهر للمرة الأولى في المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف.
وقال، بحسب تقرير أعده المعهد البحري الأميركي، "لم تذكر الصين بكلمة واحدة في المفهوم الاستراتيجي الحالي [2010]. لكن الصين ستكون جزءا من المفهوم الذي نتفق عليه في هذه القمة، وأتوقع أن يتفق الحلفاء على أن الصين تشكل تحديا، أو هي بالفعل تحد، لقيمنا ومصالحنا وأمننا".
وتابع أن "الصين ليست خصما، لكن بالطبع نحتاج أن نأخذ في الاعتبار العواقب على أمننا حين نرى أنها تستثمر بكثافة في القدرات العسكرية الحديثة الجديدة والصواريخ طويلة المدى والأسلحة النووية وهي تحاول أيضا السيطرة على البنية التحتية الحيوية".