قال محللون إن مصر تواصل لعب دور قيادي في الدبلوماسية الإقليمية من خلال دورها الرئيس في كتلتين إقليميتين هما الاتحاد الأفريقي المكون من 55 عضوا والجامعة العربية المكونة من 22 دولة.

وأوضحوا أنه مع استمرار نمو العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، يمكن للدولة العربية أن تكون بمثابة قوة أكبر للسلام والاستقرار في كلا المنطقتين.

وعندما تولت مصر التي تعتبر ثاني أكبر اقتصاد في القارة الأفريقية، الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي لمدة عام سنة 2019، حددت 6 مجالات ذات أولوية.

وكانت هذه الأولويات التكامل الاقتصادي والإقليمي وبناء الجسور بين الشعوب الأفريقية والتعاون مع الشركاء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والإصلاحات المؤسساتية والمالية للاتحاد الأفريقي والسلام والأمن.

وخلال رئاستها للاتحاد الأفريقي، عززت مصر بشكل كبير من مكانة الاتحاد القاري عبر معالجة المشاكل الحرجة في إفريقيا.

واستخدمت رئاستها لرفع مكانتها كدولة أفريقية، محتلة مكانة رائدة في التحدث نيابة عن إفريقيا في الفعاليات الدولية المهمة، وفقا لدراسة أجراها معهد الشرق الأوسط عام 2020.

وذكرت الدراسة أن من بين هذه الفعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقمة مجموعة العشرين في اليابان واجتماعات مجموعة الدول السبع في فرنسا وقمة اليابان-إفريقيا وقمة الاستثمار بين المملكة المتحدة وإفريقيا.

وساعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أيضا في تنمية منطقة التجارة الحرة القارية في إفريقيا خلال فترة ترأسه الاتحاد الأفريقي، حسبما قال الباحث في معهد الدراسات الأمنية محمد دياتا لمحطة دويتشه فيله في عام 2020.

وأعلنت القاهرة إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في أيار/مايو 2019، بعد أن صادقت عليها 22 دولة إفريقية من بينها مصر.

وقال السيسي في قمة الاتحاد الأفريقي التي عقدت عام 2019 في النيجر إن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية "ستعزز موقفنا التفاوضي على الساحة الدولية"، واصفا الخطوة بأنها "مهمة".

ومن جهته، أكد مركز بروكسل الدولي للأبحاث في تقرير صدر في 19 تموز/يوليو، أنه منذ سقوط نظام عمر البشير في عام 2019 سعت مصر لمنع تصعيد الصراعات في السودان التي هي جارتها الجنوبية.

وفي خضم الصراع الحالي، وفرت ملاذا لأكثر من 250 ألف سوداني فروا من بلادهم، ولعبت دورا رئيسا كوسيط.

وجاء في التقرير أن "تجربة مصر في حل النزاعات وفهمها العميق لديناميكيات المنطقة، ساهما بشكل كبير في فعاليتها كوسيط في حرب السودان".

وسيط في الشرق الأوسط

وتقع مصر بين إفريقيا والشرق الأوسط وتلعب أيضا دورا رئيسا في دبلوماسية الشرق الأوسط كعضو مؤسس في جامعة الدول العربية التي تتخذ من القاهرة مقرا لها والتي تعمل على تعزيز التعاون الإقليمي.

وتسعى الجامعة التي يرأسها وزير الخارجية المصرية الأسبق أحمد أبو الغيط، إلى إرساء تعاون وثيق في مسائل الاقتصاد والاتصال والثقافة والجنسية والرعاية الاجتماعية والصحة.

وقد نبذت العنف كوسيلة لتسوية النزاعات بين أعضائها، ومكّنت مكاتب الجامعة من التوسط في الخلافات وفي النزاعات التي تشمل غير الأعضاء. وقد وافق أعضاؤها على التعاون في الشؤون العسكرية.

وأفادت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية بأن "مصر تلعب دورا رائدا في دعم القضايا العربية" وتعزيز العمل العربي المشترك.

وأوضحت الهيئة أن سياسات مصر العربية تحكمها مبادئ عدة من بينها وضع رؤية مشتركة لخدمة المصالح العربية والحفاظ على الأمن القومي العربي، إضافة إلى إرساء الاحترام المتبادل لسيادة الدول العربية.

وأضافت أن ذلك يشمل الحفاظ على استقلال عملية صنع القرار العربي وتعزيز أواصر التضامن بين الدول العربية، إضافة إلى السعي لاعتماد السبل السلمية في حل الخلافات العربية.

ويشمل أيضا الحفاظ على الموارد العربية ودفع عجلة التنمية في الدول العربية وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول العربية بهدف نهائي هو إقامة سوق مشتركة.

ولعبت القاهرة مؤخرا دورا إقليميا جديدا، إذ قامت بتوجيه المشاركة الدبلوماسية الأكبر عبر الشرق الأوسط، حسبما كتبت صحيفة جيروزاليم بوست في أيار/مايو.

وأضافت الصحيفة أن ذلك يأتي في إطار عودتها إلى دورها التاريخي كدولة قوية ومركز للحوار في المنطقة.

وأكد خبراء أن مصر تتطلع الآن إلى العودة إلى دورها السابق كلاعب إقليمي رئيس، في ظل المزيد من الاستقرار وتحسن العلاقات مع الدول الأفريقية والعربية وقد أعطتها كل هذه العوامل ثقة بالنفس.

وفي هذه الأثناء، توسعت مؤخرا العلاقات الاقتصادية بين مصر والأردن والعراق ما أدى إلى توثيق العلاقات الشاملة بين الدول الثلاث.

علاقات مزدهرة مع الولايات المتحدة

وتتمتع مصر بأكثر من قرن من التعاون الدبلوماسي والصداقة مع الولايات المتحدة التي تعمل معها لتعزيز الأمن الإقليمي والشراكة الدفاعية الحيوية وتوطيد العلاقات بشكل عام.

وتعتبر واشنطن القاهرة شريكا مهما في مجال مكافحة الإرهاب ومكافحة تهريب المخدرات والعمليات الأمنية الإقليمية، وكلها مجالات تؤدي مجتمعة إلى تعزيز السلامة العامة للمنطقة.

ومنذ عام 1946، قدمت الولايات المتحدة لمصر أكثر من 87 مليار دولار كمساعدات خارجية. وزادت المساعدات العسكرية والاقتصادية الأميركية بشكل ملحوظ بعد عام 1979، وفقا لتقرير نشر في أيار/مايو من قبل خدمة أبحاث الكونغرس.

وذكر التقرير أن الإدارات الأميركية المتعاقبة بررت مساعداتها لمصر على أنها استثمار في الاستقرار الإقليمي وجاءت مبنية بشكل أساسي على التعاون طويل الأمد مع الجيش المصري والحفاظ على معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية لعام 1979.