تحليل القدرات

غرق السفن الحربية الرئيسة يشير إلى فشل العقيدة البحرية الروسية

2023-04-25

أدت عقيدة باستيون الدفاعية (إنشاء الحصون) في نهاية المطاف إلى ترنح السفن الروسية في سيفاستوبول، حيث تخشى أطقمها من مواجهة مصير سفينتين بارزتين أغرقتهما أوكرانيا.

شارك هذا المقال

تٌظهر لقطة شاشة من مقطع فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي تصاعد ألسنة اللهب والدخان من السفينة الروسية ساراتوف في 24 آذار/مارس 2022، وهي سفينة إنزال دبابات من فئة التمساح، وتظهر أيضا سفينة حربية روسية أخرى تبحر على عجل هربا من جحيم النار. غرقت السفينة ساراتوف على شواطئ مدينة بيرديانسك الأوكرانية.
تٌظهر لقطة شاشة من مقطع فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي تصاعد ألسنة اللهب والدخان من السفينة الروسية ساراتوف في 24 آذار/مارس 2022، وهي سفينة إنزال دبابات من فئة التمساح، وتظهر أيضا سفينة حربية روسية أخرى تبحر على عجل هربا من جحيم النار. غرقت السفينة ساراتوف على شواطئ مدينة بيرديانسك الأوكرانية.

باتت البراعة البحرية الروسية المزعومة موضع شكوك خطيرة بعد أكثر من عام على تكبدها خسائر محرجة في أوكرانيا وما يظهر من عجز موسكو على تنفيذ عقيدتها البحرية.

ففي غضون الأشهر القليلة الأولى من الغزو الروسي غير الشرعي لأوكرانيا، تكبدت البحرية الروسية خسائر فادحة تمثلت بغرق بعض من سفنها الحربية البارزة.

ففي 14 نيسان/أبريل 2022، أغرقت الصواريخ الأوكرانية طراد الصواريخ موسكفا، وهو الطراد الرائد في أسطول البحر الأسود الروسي، على بعد نحو 110 كيلومترات من أوديسا.

وقبل ثلاثة أسابيع، وتحديدا في 24 آذار/مارس 2022، أغرق صاروخ أوكراني سفينة ساراتوف، وهي سفينة إنزال دبابات من فئة التمساح، على شواطئ مدينة بيرديانسك الأوكرانية.

لقطة شاشة من مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر فيها السفينة الحربية الروسية المتضررة موسكفا وهي على وشك الغرق بالبحر الأسود في نيسان/أبريل 2022. [الأرشيف]
لقطة شاشة من مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر فيها السفينة الحربية الروسية المتضررة موسكفا وهي على وشك الغرق بالبحر الأسود في نيسان/أبريل 2022. [الأرشيف]
الطراد الروسي موسكفا، المعروف سابقا باسم سلافا، أثناء عرضه في مدينة سيفاستوبول الأوكرانية عام 2009، ونجحت الصواريخ الأوكرانية بإغراقه في البحر الأسود في نيسان/أبريل 2022. [حقوق الصورة لجورج تشيميليفسكي]
الطراد الروسي موسكفا، المعروف سابقا باسم سلافا، أثناء عرضه في مدينة سيفاستوبول الأوكرانية عام 2009، ونجحت الصواريخ الأوكرانية بإغراقه في البحر الأسود في نيسان/أبريل 2022. [حقوق الصورة لجورج تشيميليفسكي]

وأظهرت عمليات الغرق هذه عجز البحرية الروسية عن تنفيذ ما يسمى بعقيدة باستيون الدفاعية.

ويشير المصطلح إلى استراتيجية بحرية تدعو إلى إنشاء منطقة مائية محمية بشدة حيث يمكن للقوات البحرية الصديقة أن تعمل بأمان.

وباستخدام عقيدة باستيون الدفاعية التي تعود للحقبة السوفيتية، سعى الكرملين إلى حماية أصوله العسكرية الرئيسة، أي الغواصات النووية، حسبما أوضح الباحث العسكري جيمس لاسي عام 2020.

وجزء من تعريف لاسي للدفاع هو "المواقع الجغرافية حيث يتم حشد قدرات A2-D2 [منع الوصول/ ومنع حرية العمل في المنطقة] ودمجها للدفاع عن الأصول الاستراتيجية القيمة".

وكان يوجد ثلاثة معاقل للبحرية الروسية أو السوفيتية: بحر بارنتس للغواصات النووية وكالينينغراد لأية عمليات قتالية في دول البلطيق أو بولندا والبحر الأسود الذي حلمت موسكو بتحويله إلى "بحيرة روسية".

وكتب لاسي أنه في الوقت الذي كانت فيه الغواصات النووية السوفيتية تناور داخل تلك المساحات، "كانت محمية بنحو 75 في المائة من الغواصات الهجومية التابعة للبحرية السوفيتية وكل سفينة سطحية في أساطيلها الشمالية وفي المحيط الهادئ، إضافة إلى مئات الطائرات".

ومنذ الحرب الباردة، عملت عقيدة باستيون الدفاعية كحصن يقي من الخطر ويضمن البقاء العسكري الروسي.

فضح زيف التباهي

تطورت العقيدة منذ ذلك الحين لأغراض هجومية عملياتية واستراتيجية.

في الأسابيع الأولى من الحرب، مكّن معقل روسيا في شبه جزيرة القرم قواتها من تحقيق مكاسب إقليمية في جنوبي أوكرانيا، بما في ذلك الاستيلاء على مدينة خيرسون وقناة القرم الشمالية وجزيرة الأفعى، وفقا لما أوردته مؤسسة جيمس تاون في نيسان/أبريل 2022.

لكن وعلى الرغم من قدرات A2-D2 المزعومة التي يتمتع بها المعقل، سرعان ما تعرض أسطول البحر الأسود لهجوم فتاك من عدو أصغر بكثير وأسوأ تسليحا لجأ إلى الصواريخ والطائرات المسيرة.

وكشف تدمير الصواريخ لسفينتي ساراتوف وموسكفا عام 2022 في حوادث لا تفصل بينها سوى أسابيع فقط جوف مزاعم الكرملين التي تكررت كثيرا حول امتلاكه "ثاني [أفضل] جيش في العالم".

وقضى أيضا على أية طموحات روسية للسيطرة على البحر الأسود.

ومهما كان حجم الدفاعات الجوية التي قدمتها روسيا لقواتها البحرية السطحية، فقد فشلت فشلا ذريعا.

في الواقع، عمد طاقم موسكفا قبل إصابتها إلى وقف عمل رادارات الدفاع الصاروخي إما بسبب الكسل أو عدم الكفاءة، حسبما أفادت يوسني نيوز في أيار/مايو الماضي.

كان الإذلال كبيرا لدرجة أن روسيا أخفت مصير السفينتين لأسابيع، حتى أنها أنكرت بداية غرق موسكفا. وبعد أن اعترفت بخسارة السفينة، لم يفصح الكرملين عن إجمالي العدد الموثوق للضحايا بين طاقمها.

واستغرق الأمر عاما كاملا قبل أن تعترف روسيا بخسارة ساراتوف إل إس تي، التي غرقت مع حمولة 2000 طن من الشحنات العسكرية. ولم يتم أيضا الكشف عن عدد الضحايا بين الطاقم الذي كان على متن تلك السفينة.

ومع شعور أسطول البحر الأسود بالذعر من فقدان موسكفا، انسحب فجأة من مدى الصواريخ الأوكرانية وأصبحت مهمته الرئيسة هي حماية نفسه.

وبعد أن قصفت الطائرات المسيرة الأوكرانية الأسطول على شواطئ مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم المحتلة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أظهرت صور الأقمار الصناعية السفن الروسية وهي ترتعد قابعة في الميناء بدلا من أن تعمل في المياه المفتوحة.

اليوم، انتهى خطر غزو أوديسا لأن الأسطول أصبح بعيدا جدا لتنفيذ أو دعم أي إنزال.

فقتال الروس بات يقتصر على إطلاق الصواريخ على المباني السكنية.

عائلات مفجوعة

وأدت إخفاقات البحرية الروسية إلى موت بحارتها.

بالنسبة لعائلات البحارة الروس الذين لقوا حتفهم عام 2022، تذّكر خسارتهم بسوء تعامل الكرملين مع غرق غواصة كورسك النووية في آب/أغسطس 2000.

هذه الغواصة غرقت في بحر بارنتس، وقد يكون سبب غرقها انفجار وقع على متنها. بقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إجازة مدة أسبوع تقريبا بعد غرقها، ورفض عروض مساعدة دولية لإنقاذ طاقمها طوال خمسة أيام.

ووجد الباحثون لاحقا أن 23 بحارا نجوا من الانفجار الأول، لكنهم اختنقوا في انتظار إنقاذ لم يأت أبدا.

هذا الموقف القاسي تجاه الضحايا ظهر جليا طوال حرب أوكرانيا. ففي منتصف نيسان/أبريل 2022، اضطر الأهالي المذعورون للتحقيق بأنفسهم فيما حدث لبحارة موسكفا، كما ذكرت في حينه صحيفة غارديان التي تصدر من لندن.

فبعد أربعة أيام من الصمت الرسمي، اكتشفت إحدى الأمهات يوم 18 نيسان/أبريل عبر مكالمة هاتفية من وزارة الدفاع أن ابنها توفي.

وتلقى والد أحد الطهاة شهادة وفاة ابنه في آب/أغسطس الماضي فقط، وفقا لإذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي.

وقبل أشهر من معرفة مصير الطاهي، جال هذا الرجل وزوجته على جميع المستشفيات العسكرية في روسيا وشبه جزيرة القرم المحتلة بحثا عنه. وحذا حذوهما العديد من العائلات الأخرى للعثور على أبنائهم، ولكن محاولاتهم باءت بالفشل.

وذهبت صرخاتهم المطالبة بالمساءلة أدراج الرياح.

هل أعجبك هذا المقال؟


يرجى إدخال الأرقام *